{إذ همَّت طائفتان منكم} بنو سَلِمة وبنو حارثة {أن تفشلا} أَنْ تجبنا، وذلك أنَّ هؤلاء همُّوا بالانصراف عن الحرب، فعصمهم الله {والله وليُّهما} ناصرهما وموالٍ لهما {وعلى الله فليتوكل} فليعتمد في الكفاية {المؤمنون}.{ولقد نصركم الله ببدرٍ وأنتم أذلَّةٌ} بقلَّة العدد وقلَّة السِّلاح {فاتقوا الله لعلكم تشكرون} أَيْ: فاتقونِ فإنه شكر نعمتي.{إذ تقول للمؤمنين} يوم بدرٍ: {ألن يكفيكم أَنْ يمدَّكم ربكم بثلاثة آلاف من الملائكة منزلين}.{بلى} تصديقٌ لوعد الله {إن تصبروا} على لقاء العدوِّ {وتتقوا} معصية الله ومخالفة النبيِّ عليه السَّلام {ويأتوكم من فورهم} قيل: من وجههم: وقيل: من غيظهم {يمددكم ربكم بخسمة آلاف من الملائكة مسوِّمين} مُعلَّمين، وكانت الملائكة قد سوِّمت يوم بدر بالصُّوف الأبيض في نواصي الخيل وأذنابها، ثمَّ صبر المؤمنون يوم بدر فأُمدّوا بخمسة آلاف من الملائكة.{وما جعله الله} أَيْ: ذلك الإِمداد {إلاَّ بشرى} أَيْ: بشارةً لكم {ولتطمئن قلوبكم به} فلا تجزع من كثرة العدو {وما النصر إلاَّ مِنْ عند الله} لأنَّ مَن لم ينصره الله فهو مخذولٌ وإنْ كثرت أنصاره.{ليقطع طرفاً} أَيْ: نصركم ببدرٍ ليقطع طرفاً، أي: ليهدم ركناً من أركان الشِّرك بالقتل والأسر {أو يكبتهم} أَيْ: يخزيهم ويُذلَّهم. يعني: الذين انهزموا. قوله: {ليس لك من الأمر شيء...} الآية. لمَّا كان يوم أُحدٍ من المشركين ما كان من كسر رباعيَّة النبيِّ صلى الله عليه وسلم وشجِّه، فقال: كيف يفلح قومٌ خضبوا وجه نبيِّهم وهو يدعوهم إلى ربِّهم؟! فأنزل الله تعالى هذه الآية يُعلمه أنَّ كثيراً منهم سيؤمنون، والمعنى: ليس لك من الأمر في عذابهم أو استصلاحهم شيءٌ، حتى يقع إنابتهم أو تعذيبهم، وهو قوله: {أو يتوب عليهم أو يعذبهم} فلمَّا نفى الأمر عن نبيِّه عليه السَّلام ذكر أنَّ جميع الأمر له، فمَنْ شاء عذَّبه، ومن شاء غفر له، وهو قوله: {ولله ما في السموات وما في الأرض يغفر لمن يشاء} أَي: الذَّنب العظيم للموحِّدين {ويعذّب من يشاء} يريد: المشركين على الذَّنب الصَّغير {والله غفورٌ} لأوليائه {رحيمٌ} بهم.